شكراً وزير الثقافة

ـ1ـ
   أنا لا أصدّق، أن وزيراً للثقافة من منطقة زغرتا، مسقطِ رأسي، إسمُه ريمون عريجي، بإمكانه أن يمحوَ نصفَ قرن من غربتي الطويلة، بالتفاتة مضيئة، كشمس إهدن، أو كضَحِكاتِ أبنائها.
   كيف بإمكانِ هذا المحامي الفذّ أن يدافعَ عنّي ويُطلِقَ سراحي من سجني الاغترابي، ويُرجِعَني الى الوطن بقرارٍ تاريخيٍّ، وبيني وبينَه آلافٌ من الأميال، وأحلامٌ واشتياقٌ ودموعٌ وسهر.
   لقد زرعَ في قلبي فرحةً: امتدادُها شواطىءُ سيدني وانتهاؤها بيادرُ قريتي مجدليا، فألفُ شكرٍ لالتفاتَتِه التكريميةِ أولاً، ولحبِّه للشعر والشعراء ثانياً، ولإرجعاعِهِ الحرفَ الى بلدِ الحرفِ ثالثاً.
ـ2ـ
   أنا لا أصدّقُ أنّ محاميّةً لامعةً، اسمُها بهية أبو حمد، تعشقُ الشعرَ وتحفظُهُ، تُقفِلُ مكتبَها، توضّبُ حقائبَها، وتسافرُ الى الوطنِ، كي ترميَ بين أيدي المسؤولين ملفاتِ نُخبةٍ من الشعراء، شاءني الحظُّ أن أكونَ واحداً منهم، بغية تكريمهم وحفظ مؤلفاتهم.
   المادةُ عندها لا شيء، تعبُها من أجل الشعر راحةٌ، وكلمتُها فعلٌ، ولهذا نحن نُكرَّم.. فألفُ شكرٍ لها ولجمعية إنماء الشعر، ولنقيب شعراء الزجل في لبنان الشاعر جورج بو أنطون.
ـ3ـ
   أنا لا أصدق أنني أقفُ اليومَ بين القصائدِ الرائعةِ، المتطايرةِ كأحلامِ الصبايا، من أفواه زملائي الشعراء المكرمين، وأنا أَحبِسُ دمعتي، وأتكيءُ على فرحي، ولسان حالي يردّد: بلى، والله، لقد بدأت أصدّق، فألف مبروك يا شباب.
ـ4ـ
   إنها المرةُ الأولى التي يكرّمني بها وطني..
   إنها المرةُ الأولى التي يتغلّبُ بها درعٌ ثقافيٌ لبنانيٌ على جميع الحواجز السياسية، والطائفية، والاقليمية، ليصلَ إليّ في غربتي، ويهمسَ في أذنيّ: إرفعْ رأسَك.. أنت لبناني.
   إنها المرةُ الاولى التي أشعرُ بها أنني شاعر.
   وشكراً.
**