شاعران وقصيدتان

   الشعر هو الشاعر لغة وموسيقى..
   هذا القول نشرته في كتاب "خواطر" منذ أعوام، وما زلت مؤمناً به، لأن الشاعر وجد قبل الشعر وأوزانه وموسيقاه وطريقة كتابته، وله وحده حرية، لا بل كيفية التعبير عما يجول في مخيلته دون خوف من أحد.
   منهم من يكتب بالعامية لأنها أقرب الى الناس، ومنهم من يمتطي حصان الفصحى كي يصل شعره الى دول عربية قد لا تفهم لهجته العامية.
   ومن أغرب ما قرأت قصيدة للشاعر شربل نسيب الياس أستاذ اللغة الفرنسية في جامعة باريس السوربون أبو ظبي. نشرها في مجلة "صوت الشاعر"، التي أهداني مجلدها السنوي الشاعر المهجري عصام ملكي. والتي يشرف عليها الشاعر الصديق روبير خوري، حاول فيها أن يظهر أن الحروف التي يبدأ بيته الشعري أو ينهيه بها ستكون مماثلة، وهذه شطارة يشكر عليها، ولكنه ابقى قصيدته ضمن النمط الزجلي المعروف. وما عليكم إلا تلاحظوا كيف بدأ أبياته بحرف "الباء" وأنهاها بحرف "الميم":
بين الوطن والبعد والاحكام
باقة حنين لضيعتي وأحلام
بضيعتي مي وعسل وكروم
بيبقوا ببالي ع مدا الايام
   كما قرأت قصيدة ثانية بالفصحى للشاعر عبدالله ابي عبدالله افتتح بها احتفال حديقة الشعراء، هي أقرب الى المعلقات منها الى القصائد، بعد أن تجاوز عدد ابياتها الخمسين، ولست أدري كيف تمكن الشاعر من القائها كاملة دون أن يخسر صوته أو يغرق المستمعين بالملل، رغم صياغتها الجيدة، وصورها الرائعة. وإليكم مطلعها:
أهلاً بكم يا سادة الأقلام والأدبِ
يا نخبة القوم وتلاعلام والأدبِ
ألعينُ ترنو وفد هبّت لرؤيتكم
والقلبُ يرقص مزهواً من الطربِ
   الملفت للنظر أن لا الشاعر ولا مجلة صوت الشاعر أطلقت على القصيدة لقب "معلقة"، احتراماً منهما لرأي القارىء، وكي لا يقال انهما يفرضان رأيهما عليه. 
**